لاتقول (لي)جزاك الله ألف خير...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد رأيت كثير من الشباب والفتيات انهم يقولون جزاك الله ألف خير
كلمة لطالما قلتها " جزاك الله الف خير " ولم ادرك معناها
وصدفة قرأت هذه الفتوى اسأل الله يغفر لي وجلبتها لينتفع بها غيري
السؤال
ما حكم قول جزاك الله ألف خير؟ حيث سمعنا أنك عندما تضيف كلمة ألف والتي هي عدد فأنت تحدد مقدار العطاء الذي تدعو المولى أن يرزقه أخاك الذي دعوت له...، ولكن عندما تقول جزاك الله خيراً دون تحديد فقد يقابلها من الله خير يهبه المولى - سبحانه وتعالى - لذلك المدعو له، وقد يتعدى الخير ألف خير فلم التحديد؟ وهناك من يقول إن القصد التكثير فقط، ولا يقصد تحديد مقدار العطاء الذي تدعو المولى أن يرزقه أخاك الذي دعوت له...، أرجو التوضيح وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بعد حمد الله: الوارد في النصوص قول : جزاك الله خيراً كما في صحيح البخاري (336)، ومسلم (367): عن عائشة – رضي الله عنها - أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماءٌُ فصلوا فشكوا ذلك إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة – جزاك الله خيراً، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيراً.
وكما ورد عن ابن عمر – رضي الله عنهما - : قال حضرت أبي حين أصيب، فأثنوا عليه، وقالوا: جزاك الله خيراً، فقال: راغب وراهب، قالوا: استخلف، فقال: أتحمل أمركم حياً وميتاً؟ لوددت أن حَظِّي منها الكفاف لا عليَّ ولا لي، فإن أستخلف فقد استخلف مَنْ هو خير مني - يعني أبا بكر – رضي الله عنه - وإن أترككم فقد ترككم مَنْ هو خير مني رسول الله – صلى الله عليه وسلم –. قال عبد الله –رضي الله عنه- فعرفت أنه حين ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – غير مستخلف أخرجه مسلم (1823).
وفي مسند الحميدي (1160) ومسند عبد بن حميد (1418) والدعاء للطبراني (1929 – 1931) والمعجم الصغير للطبراني (1184) في الحديث الحسن الجيد الغريب عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء" وعند الترمذي (2035) من حديث أسامة بن زيد – رضي الله عنهما -: "من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيراً، فقد أبلغ في الثناء".
قال القاري في المرقاة (6/213): وفي نسخة - يعني من المشكاة - معروفاً بالنصب أي: أعطي عطاء "فقال لفاعله" أي: بعد عجزه عن إثابته أو مطلقاً جزاك الله خيراً أي: خير الجزاء أو أعطاك خيراً من خيري الدنيا والأخرى، "فقد أبلغ في الثناء" أي: بالغ في أداء شكره وذلك أنه اعترف بالتقصير وأنه ممن عجز عن جزائه وثنائه، ففوض جزاءه إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى. أ.هـ.
وأتى المسور عمر – رضي الله عنهما - فقال يا أمير المؤمنين إني احتكرت طعاماً كثيراً فرأيت سحاباً قد نشأ فكرهته فتأليت أني لا أربح فيه شيئاً فقال عمر –جزاك الله خيراً. انظر الورع للإمام أحمد (ص73).
وفي مسند أبي يعلي (945) عن أسيد بن حضير قال : أتاني أهل بيتين من قومي، فقالوا كلم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقسم لنا أو يعطينا، أو نحو من هذا فكلمته فقال: "نعم أَقْسِمُ لكل أهل بيت منهم شطراً فإن عاد الله علينا عدنا عليهم" قال: قلت: جزاك الله خيراً يا رسول الله قال "وأنتم فجزاكم الله خيراً فإنكم - ما علمتكم- أعِفَّةٌُ صُبُرٌ ".
وأبلغ دعاء للصحابة -رضي الله عنهم – لعمر – رضي الله عنه - لما طعنه أبو لؤلؤة، كما في المعجم الكبير للطبراني (10/266): عن ابن عمر – رضي الله عنهما - قال لما طعن عمر – رضي الله عنه - قال له ابن عباس – رضي الله عنهما - يا أمير المؤمنين جزاك الله خيراً أبشر قد دعا لك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يعز الله بك الدين.
فهذا الدعاء الذي ورد في السنة وعلى ألسنة السلف الصالح، وهو أبلغ من قول جزاك الله ألف خير، والتحديد بألف ليس أبلغ، ولا يحدد مقدار الثواب والجزاء في الدعاء بعدد لأن الله يضاعف لمن يشاء إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ولأن هذا التقدير أو التحديد بعدد لم يرد في السنة ولا عند السلف -رحمهم الله- ولأن هذا ليس من التكثير كما يظنه البعض، فعفو الله وخيره وثوابه أكثر، وفضله لا يعد ولا يحصى ، والتحديد بعدد فيه تقليل لا تكثير، فلا يبخل المسلم على أخيه وهو يظن أنه قد أراد التكثير، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.