رجل نصح قومه فى حياته .....
رجل نصح قومه فى حياته .... و بعد مماته
وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ
إنه حبيب النجار الذى وصفه الحق تبارك و تعالى فى سورة يس بالرجولةجاء يعدو من أبعد أطراف المدينة .. يسرع فى مشيه قال ابن كثير :إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم ، فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى لينصرهم من قومه
إنه حبيب النجار الذى كان يعمل الحرير ، و كان كثير الصدقة ، يتصدق بنصف كسبه
و قال القرطبى :كان حبيب النجار مجذوما و منزله عند أقصى أبواب المدينة ، و كان يعكف على عبادة الأصنام سبعين سنة يدعوهم لعلهم يرحمونه و يكشفون ضره ، فما استجابوا له ، فلما أبصر الرسل و دعوه إلى الله قال : هل من أية ؟ قالوا : نعم نحن ندعو ربنا القادر فيفرج عنك ما بك ! فقال : إن هذا لعجيب ، إنى أدعو هذه الآلهة سبعين سنة لتفرج عنىفلم تستطع فكيف يفرجه ربكم فى غداة واحدة ؟ قالوا : نعم ربنا على ما يشاء قدير ، و هذه لا تنفع و لا تضر فآمن و دعوا الله فكشف ما به ، فلما هم القوم بقتل الرسل قال :
يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ (21)وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ
الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ (23)إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قال المفسرون :لما قال لهم ذلك و نصحهم و أعلن إيمانه ، و ثبوا عليه وثبة رجل واحد فوطئوه بأقدامهم فقتلوه ، و لم يكن له أحد يمنع عنه أذاهم قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
فلما دخل الجنة و نال جزاء صبره و رجولته و ثباته على الدعوة إلى الله ، تمنى أن يعلم قومه بحاله و سبب غفران ذنبه و أكرامه بنعيم الجنة قال ابن عباس :نصح قومه فى حياته ، و نصحهم بعد مماته
حبيب النجار مثال حقيقى للرجولة استحق أن ينال شرف ذكر جهاده فى القرآن الكريم
استحق شهادة من فوق سبع سماوات من الحق تبارك و تعالى رجل أبت رجولته كتمان النصيحة و غمط الحق
رجل دعا لنصرة لا إله إلا الله حتى لو قتل من أجلها
نصح قومه حيا للهو مات شهيدا للهو فى الجنة .. تمنى لو يعود فتستمر دعوته لله
هكذا علمنا أن الرجولة ثبات على الحق أو الموت من أجله
هكذا يكون الرجالن
موذج آخر من الرجال مؤمن آل فرعون
وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ
موقف آخر للرجولة سرده الله تعالى علينا فى تسع آيات كاملة من سورة غافركان هذا الرجل ابن عم فرعون و كان قبطيا يخفى إيمانه فلما سمع قول الجبار متوعدا موسى بالقتل نصحهم بقوله :
أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ
إنه رجل واجه فرعون و سلطانه ، و كفر بربوبيته على الملأ من قومه
قال الحق جليا بلا خوف و لا تردد .. كذب فرعون و أعلن إيمان ملأ قلبه و كيانه
الرجولة إذن .. ليست بالانطواء على النفس و لكنها بالمواجهة و انكار الذات
إنها فى نصرة الحق و اتباعه رجال النصيحة لله و التضحية من أجل الله رجال لا يخشون
الحق و لو أوذوا فى سبيله
أين أمثال هذا الرجل الآن ؟؟؟
رد باقتباس